غامضةٌ كـ مثلث برمودا , هو وحده الاختناق من يفسّرها , تنطوي في تفاصيلها الصغيرة ترقب ما يدور في سخف الحياة
تبتسم بسخرية !
بنات العائلة لا يستسيغون الجلوس معها , يخيل إليهن أنها تتعالى عليهنّ كثيرا , تمسك بتلابيب العقل لئلاّ يفلت !
رغم طفولتها الجميلة إلاّ أنها تملك كمّا ًهائلا ً من الحزن اللامبرر .. تجد في غرفتها ملاذ عن كلّ شيء
وحدها صديقتها التي تفهم طلاسمها , وحدها تعلم أنّها شيء لاتستوعبه عقول الحشو !
كعادته هو يومها , تنام مبكراً لـ تخطو خطواتها المثقلة بما هو أكبر من مؤسسات تعليمية نحو مدرستها الكائنة خلف الزقاق المكتظ بما يشبه تلك الحكايات التي تثير الحنين !
في ذات صباح تتكئ فيه على جدار فناء المدرسة , امتدت تفكّر في حلّ عقد البشرية الي تشعر بها وهي ترى فتيات مدرستها يقهقهون كمن لم يضحك طوال عمره / كالخارجين من أصفاد اليتم الفرائحي , إلى طرفة الحياة !
تتضخم الفكرة كثيراً لتستحيل إلى عزم , لكنها وفي لحظاتها تلك باغتتها جملة أصغت إليها جيدا من إحداهنّ , وهي التي لم تكن يوما من الذين يختارون المواطن التي يصغون فيها إلى ما يريدون , فهي تصغي لما يريده الإصغاء فيها أن تصغي إليه !
كلنا مجانين !
هذا ما قالته تلك السمراء ..
أعقب جملتها هذه سيل من التساؤلات في عقلها !
كلنا مجانين ؟!
لمَ الطبيعة إذن ؟!
لمَ الناس؟ لمَ الحروب ؟ لمَ الشر ؟ لمَ .. لمَ .......
كلنا مجانين ؟
وفي غمرة الحديث بينها وذاتها الدائرة بين العقل والجنون
لمحتها صديقتها التي تقف في طابور المقصف المدرسي تجلس وحيدة , زاحمتهنّ واشترت ماتريده بسرعة هائلة وتوجهت إليها
لا تريدها أن تجلس لوحدها .. يخيل إليها دائما أن الوحدة قد تقتل من يؤوي إليها!
بادرتها بسؤالها :
_ لمَ أنتِ وحدكِ ؟
_ كلنا مجانين ؟؟!
_ ماذا تقولين ؟
_ لا شيء .. لم أنتِ تلهثين ؟
_ فقط .. أسرعت الخطى نحوكِ .. اممممم بمَ كنتِ تفكرين ؟
_ لا عليك ..
_ ألم تعلمي ؟ قالت لنا أستاذة الأحياء أن نحضر بعض الحيوانات كعينات لدرس غد
_ امممم جيد .. هنّ فقط يعشقن الإجهاد , لا بأس سأحضر أنا
_ تحبين الدوران حولكِ دائما !
_ اكتشفت اليوم أننا مجانين !
_ من الأفضل أن كلّ واحد يتكلم عن نفسه
_ أريد إثباتا واحداً يدلّ على وجود العقل !
_ آه , قلت ومازلت أقول أن الوحده تصيّر العاقل مجنون !
_ لمَ لا تقولين أنها تصير المجنون إلى عاقل !؟
_ أنتِ بلا شكّ لستِ طبيعية الآن!
_قولي لي .. وماهي الطبيعة ؟
أرادت صديقتها أن تقطع حبل الحديث بأي شيء / أي شيء
فهي تدرك يقينا أن الخوض معها في الحديث سيودي بها إلى كارثة عقلية ربما !
فرحت حين تذكرت أنها نسيت أن تناولها فطيرة الشوكولاته وعلبة العصير التي اشترتها لها
_ هاكِ
_ شكرا .. هل ستحضرين لها عينة ؟
_ قد أفعل
_ لا تنسي أن تحضرينها بعقل .. أريد أن أراه !
قالت صديقتها وهي تزفر الهم على صديقتها وتهمّ بالنهوض , لم أسمع ان للحيونات عقول !
_ وأنا لم أرَ عقل انسان واحد .
ملك لِ سـ